أخبار عاجلة
/ / الكرة الذهبية .. جائزة اللامنطق

الكرة الذهبية .. جائزة اللامنطق

على نقيض السنوات القليلة الماضية ، يبدو التنافس على جائزة الكرة الذهبية هذا العام على أشده بين لاعبين جمع بينهم الإبداع على الملاعب و لمهم التوهج في المواعيد الكبرى سواء مع منتخباتهم أو أنديتهم ، فصُنفوا في خانة المرشحين لإحراز الجائزة الفردية الأغلى في عالم المستديرة ، و تباينت حولهم آراء المتتبعين و الجماهير التي رجحت كفة نجم على آخر بناء على حسابات المنطق أو العاطفة و الإنتماء لهذا الفريق و مقت ذاك .

" بسبب الإقبال الهزيل من طرف قائدي و مدربي المنتخبات الوطنية و ممثلي المنابر الإعلامية ، قرر الإتحاد الدولي لكرة القدم ' الفيفا ' تمديد فترة التصويت  للمرشحين لجائزة الكرة الذهبية إلى غاية 29 نونبر 2013 " ، هكذا أجج الجهاز الأعلى في مضمار الكرة الصراع على الجائزة هذه السنة و أيقظ الشكوك التي ما فتئت تحوم حول شفافية الجائزة و نزاهة المعايير التي تلعب دور الفيصل في اختيار المتوج بالكرة الذهبية التي تسهر عليها الفيفا بالمناصفة مع المجلة الفرنسية الشهيرة " فرانس فوتبول " منذ سنة 2009 .

عقب البيان الذي خرج به الإتحاد الدولي و تعالي الأصوات المُندهشة بهذا القرار ، عادت مجموعة من التساؤلات المُلحة التي تدور حول مصداقية الجائزة لتطفو على السطح و تمر على الألسن ، ما هي المعايير الحقيقية التي تقف وراء اختيار الفائز ؟ ألا تحتاج الفيفا و المجلة الفرنسية إلى إعادة النظر في أساليب اختيار المتوجين ؟ ثم كيف يُمكن ابتكار مقاييس أكثر مصداقية و مشروعية للعب دور الحكم في إهداء الجائزة لهذا اللاعب و إقصاء ذاك ؟

معايير غير منطقية تسلب للجائزة مصداقيتها 

رغم مرور أربع سنوات عن ميلاد جائزة الكرة الذهبية في نسختها الجديدة ، لاتزال المقاييس التي يتم اعتمادها لاختيار الفائز مُبهمة أو على الأقل يدور حولها جدل كبير وسط معارض و مؤيد ، هذا اللغط أخذ في الإرتفاع مع احتدام المنافسة و الصراع بين مجموعة من اللاعبين المُتقاربين من حيث المستوى على امتداد السنة .

" إذا كانت الجائزة تؤخذ للإنجازات الجماعية فإنها ستؤول لفرانك " بلال " ريبيري ، أما إذا كانت تأخذ بعين الإعتبار الإنجازات الفردية ، فإن كريستيانو رونالدو يستحقها و جدير بها " ، بمضمون هذه الكلمات ترجم جملة من اللاعبين و مشاهير اللعبة من خلال تصريحات أدلوا بها في الأونة الأخيرة الفراغ الكبير الذي يعتري الكرة الذهبية على مستوى المعايير التي تُضفي على أي جائزة كانت المشروعية و الأهلية للإستئثار باهتمام المتتبعين .

التناقض الذي سقطت في فخه الفيفا و " فرانس فوتبول " ظهر بصورة واضحة في السنوات القليلة الماضية التي عرفت تتويج البرغوث الأرجنتيني و نجم نادي برشلونة بأربع جوائز متتالية من سنة 2009 إلى 2012 ، لكن رغم المستوى المُبهر و الأداء المُميز الذي بصم عليه الدولي الأرجنتيني في هذه السنوات تحركت بعض الأفواه التي نددت باختيار اللاعب و حاولت جاهدة التأكيد على استحقاق لاعبين أخرين الفوز بالجائزة .

ففي سنة 2010 مثلا ، قدم صانع ألعاب إنتر ميلان أنذاك و نجم المنتخب الهولندي ، ويسلي شنايدر مستويات خرافية كللها بمساعدة النيراتزوري على الظفر بخماسية تاريخية و قيادة المنتخب البرتقالي لبلوغ نهائي مونديال جنوب إفريقيا ، بيد أن ذلك لم يؤهله لمعانقة الجائزة بسبب غزارة الرصيد التهديفي للأرجنتيني الذي اكتفى بلقب جماعي وحيد و هو الدوري الإسباني تحت إمرة المدرب الإسباني ، بيب غوارديولا .

من جهته ، توج صمام الأمان الإيطالي و نادي رِيال مدريد ، فابيو كانافارو بالجائزة في نسختها القديمة سنة 2006 بعدما حاز على كأس العالم مع المنتخب الإيطالي و الدوري الإسباني مع النادي الملكي ، على الرغم من بروز ثلة من اللاعبين الذين تفوقوا على المستوى الفردي بأهدافهم الكثيرة في تلك السنة ، فارضين أنفسهم نجوم العام بامتياز .

هو تذكير لا يُراد منه سواء  إبراز اللامنطق الذي يكتنف هذه الجائزة و غياب الإستقرار على معايير معلومة للجميع حتى يسهل اختيار اللاعب الأكثر استحقاقا و  يتم تقويض جميع الشكوك و الهالات السوداء التي تلتصق بأساليب الإختيار .  


الموضوعية و الحيادية ينتفيان عند التصويت 

كما جرت العادة ، فضل مجموعة من اللاعبين الأخذ بعين الإعتبار في تصويتهم نوعية العلاقات التي تربطهم بالمرشحين  كما يُستشف ذلك من خلال العديد من التصريحات التي كشف عبرها قائدو المنتخبات عن اختياراتهم على غرار حامي عرين المنتخب الإيطالي و نادي يوفنتوس ، جيانلويجي بوفون الذي صوت للأيقونة أندريا بيرلو متبوعا بنجم الميرينغي ، كريستيانو رونالدو ثم أفضل لاعب في العالم لأربع مرات ، ليونيل ميسي .

الإختيارات المبنية على العاطفة لا تُعبر معظمها عن الواقع ، فرغبة اللاعب في مساندة زميله و دعمه تنسف حظوظ لاعب أخر أكثر جدارة بإحراز الجائزة ، لهذا يُجانب العديد من اللاعبين المنطق في اختياراتهم ، و هي القاعدة التي من المتوقع أن تصمد في السنوات القادمة مادامت تحتفظ الجائزة بنفس المساطر و ذات الأساليب .

الوثيقة التي يتم نشرها بعد الإعلان عن هوية المتوج بالجائزة و التي تنطوي على اختيارات جميع اللاعبين و المدربين ، تحمل في طياتها العديد من الإختيارات الغريبة التي تعكس بالملموس ابتعاد المصوتين عن الموضوعية و الحياد عند الإدلاء بأصواتهم . 

إذن هي عينة من الثغرات التي تُلقي بظلالها على الجائزة الفردية الأغلى في عالم الكرة ، فتُفقدها رونقها و تسلبها جزء كبير من مصداقيتها التي تظل العامل الأهم في الإستئثار باهتمام الجماهير و المتتبعين ، في انتظار إعادة النظر من طرف الفيفا و المجلة الفرنسية حتى تقوض جميع الشكوك التي تُداهم الجائزة و تُضفي عليها المشروعية .

عن الكاتب :

فقرة مختصرة عن الكاتب
هذا أول موضوع لا يوجد مواضيع سابقة
الموضوع التالي :إنتقل إلى الموضوع القادم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق